responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 293
والآن بعد أن عرفنا بعض الآراء التي قيلت في أمر الروح، ما هو رأي أهل السنة والجماعة الذي ينبغي للمسلم أن يعتقده؟ هذا ما سنحاول بيانه - إن شاء الله- مع التدليل عليه من الكتاب والسنة. الذي يدلّ عليه الكتاب الكريم والسنة النبوية الشريفة وإجماع الصحابة الأجِلاء وأدلة العقل أن الروح جسم [1] مخالف بالماهية لهذا الجسم المحسوس، وهو جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك ينفذ في جوهر الأعضاء ويسري فيها كما تسري الحياة التي هي عرض في جميع الجسد. كما تظاهرت الأدلة على أن الروح أو النفس تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل وتخرج وتذهب وعلى هذا أكثر من دليل نقتصر على الأدلة القرآنية التالية:

الدليل الأول: قوله تعالي:
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام: 94 - 95].

[1] إن مسمّى "الجسم" في اصطلاح الفلاسفة أعم من مسماه في لغة العرب وعرف أهل العرف، فإن الفلاسفة يطلقون الجسم على ذي الأبعاد الثلاثة خفيفاً كان أو ثقيلاً، مرئياً كان أو غير مرئي، فيسمون الهواء جسماً والنار جسماً وكذلك الدخان والنار والبخار، يقول ابن سينا في النجاة: 317 (ط: السعادة 1331): " ... بل الجسم إنما هو جسم لأنه بحيث يصح أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة، كل واحد منها قائم على الآخر، ولا يمكن أن تكون فوق ثلاثة، فالذي يفرض أولًا هو الطول، والقائم عليه هو العرض، والقائم عليهما في الحد المشترك هو العمق، وليس يمكن غيره". وهذا الذي قرره الفلاسفة لا يعرف في لغة العرب، قال الجوهري في الصحاح 5/ 1887: "الجسم: الجسد، وقال الأصمعي: الجسم والجسمان: الجسد والجثمان: الشخص".
قال ابن قيم الجوزية: "ونحن إذ سمينا النفس جسما، فإنما هو باصطلاحهم (أي باصطلاح الفلاسفة) وعرف خطابهم، وإلاّ فليست جسماً باعتبار وضع اللغة، ومقصودنا بكونها جسماً: إثبات الصفات والأفعال والأحكام التي دل عليها الشرع والعقل والحس من الحركة والانتقال والصعود والنزول ومباشرة النعيم والعذاب (وغيرها) فلذلك أطلقنا عليها اسم الجسم تحقيقاً لهذه المعاني، وإن لم يطلق عليها أهل اللغة اسم الجسم، فالكلام مع هذه الفرقة المبطلة =
اسم الکتاب : قانون التأويل المؤلف : ابن العربي    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست